تاريخ حركة الدفاع عن حقوق المثليين
بعد التغييرات المجتمعية التي أحدثتها الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، وبحلول عشرينات القرن العشرين، صار هناك مجتمعاً مثلياً منظماً لكنه كان يعيش كثقافة "تحتية" غير معلنة. وذلك بسبب العنف والاضطهاد الاجتماعي الذي كان المثليون يتعرضون له في ذلك الوقت. ثم جاءت الحرب ال...عالمية الثانية التي كانت بمثابة نقلة فارقة في التاريخ الاجتماعي للجنسية المثلية؛ حيث ترك الكثير من الشباب أسرهم ومدنهم الصغيرة بمجتمعاتها الصغيرة المتماسكة وانخرطوا في الحياة العسكرية القاصرة على نفس الجنس. كما اتجه الكثيرون والكثيرات أيضاً للعمل في المدن الكبرى. وبعد انتهاء الحرب، اتخذ الكثير منهم القرار بالاعتراف بهويته المثلية. وهكذا بدأت المدن الكبرى في الأربعينات تعرف تجمعات المثليين في حانات خاصة بهم سميت "حانات المثليين Gay bars ". أثار هذا الظهور العلني للمثليين الكثير من الضغائن الاجتماعية ضدهم في صورة فصلهم من أعمالهم المدنية وإخراجهم من الجيش حتى أن الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور أصدر مرسوماً سنة 1953 بحرمان أي مثلي أو مثلية من الحصول على وظيفة فيدرالية. كثير من الإدارات المحلية وشركات القطاع الخاص نهجت نفس النهج كما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBIفي تطوير برنامج لمراقبة وتعقب المثليين. هذا بدوره دفع البوليس المحلي لممارسة الكثير من ألوان التمييز والتحرش بالمثليين. الجدير بالذكر أننا في عالمنا العربي لازلنا نعيش هذه المرحلة من التاريخ (يمكن مراجعة حادثة queen boat "كوين بوت" على موقع Human rights watch "هيومان رايتس واتش"). ثم في الستينات وعلى خلفية حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للسود التي كانت تستخدم العنف ، نشأت حركة محبي نفس الجنس Homophile Movement للدفاع عن حقوق المثليين من الظلم والتعسف الواقع عليهم في مكان العمل وفي المجتمع عموماً. وبحلول سنة 1969 كانت قد ظهرت خمسون جمعية تؤيد الجنس المثلي في أمريكا بعضوية تصل لعدة آلاف من الأفراد المثليين. وفي السابع والعشرين من يونيو 1969 أغار بوليس نيويورك على أحد حانات المثليين المعروفة باسم Stonewall club، وعلى خلاف ما هو متوقع، قام المثليون بالرد! فاندلعت المظاهرات لثلاثة أيام متواصلة، كما ظهرت لافتات وشعارات على البيوت والمتاجر كلها تعلن قوة المثليين. من ضمن هذه الشعارات ما يلي "كن فخوراً بما أنت عليه يا رجل! وإذا كان الأمر يحتاج للمظاهرات والإضراب أو حتى للأسلحة النارية لنعرفهم من نحن، فليكن، فهذه هي اللغة التي يفهمها هؤلاء الخنازير". (ناشط مثلي في إحدى الاجتماعات التالية لمظاهرات ستون وول 1969 ) "هذه حرب. وكل شيء يجوز فيها". (المدير التنفيذي للجنة القومية للمثليين من الرجال والنساء). هكذا بين ليلة وضحاها كانت حركة تحرير المثليين قد خرجت للنور. ومع رياح الثورة والعصيان المدني للسود والنساء وطلبة الجامعات، التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ولدت حركة حقوق المثليين التي سمت نفسها rights LGBTوهذه اختصار لكلمات Lesbian, Gay, Bisexual and Transgender أي حقوق المثليين من النساءLesbian والرجال Gay وذوو الجنسية المزدوجة Bisexual والراغبين في تغيير جنسهم Transgender. بحلول سنة 1973 كانت جمعيات الضغط السياسي الخاصة بالمثليين من الرجال والنساء في الولايات المتحدة وصل عددها إلى نحو 800 جمعية. وظل العدد يتزايد حتى وصل سنة 1990 لعدة آلاف. منذ ذلك الحين ظهر ما يسمى بمسيرات الكرامة للمثليينGay Pride Parades في المدن الغربية الكبرى. بدأت هذه المسيرات بمسيرة 5000 مثلي ومثلية في نيويورك سنة 1970 للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لمظاهرات 1969 وتزايد تعداد المشاركين في مثل هذه المسيرات تدريجياً حتى أنه في سنة 1987 سار حوالي 600 ألف مثلي في مظاهرة في مدينة واشنطون للمطالبة بالمساواة. وهكذا تشكلت حركة تحرير المثليين كحركة سياسية للمطالبة بالحقوق المدنية كرد فعل للاضطهاد الذي كان المثليون يتعرضون له. ******** منقول من كتاب (الشفاء من الحب) تأليف د/أوسم وصفي
No comments:
Post a Comment